14‏/04‏/2009

ذكـريـات الكـتابة السياسية !!

بضعُ حروب في أرضنا !!

(1)



أذكر تلك القيلولة الجميلة بعد يوم دراسي ممل قضيناه بين ربوع مدرستنا المليئة بأقوى الأصوات صخبا تنبثق من بين لوزتي حنجرة الزملاء هناك ،، طريح الفراش أرى في المنام ما لم أقدر على تذكره اليوم فكان وقع الصدمة بعد كف قوي على الكتف كفيلا بمحو ما بقي في الذاكرة من بقايا رؤى وأحلام استمرت لبضع ثواني أو نيف منها ..
كلمات سريعة بعد كف (متعافي) يحاول لسان أخي ترتيبها وصياغتها صياغة جيدة حتى أفهمها عن خبر مدوي تحولت بموجبه كل القنوات الفضائية على وجه الأرض إلى ناقل لتصاعد أدخنة الارتطام الكبير ببرجي التجارة العالميين في نيويورك،، كان الوقت عصرا عندنا ونسيم البحر الذي يغزو سواحل السيب في ذلك الوقت يخفّض من حرارة الجو الذي تزيده أحداث العالم سخونة واشتعالا .. قفزة قوية اتجهت بكل جوارحي بعدها نحو التلفزيون لأوجه مسامعي وبصري للقناة السباقة لمثل هذه الأحداث قناة الجزيرة.. خبر يجر ورائه أخبار،، سقوط طائرة في بنسلفانيا وتقدم أخرى نحو البنتاغون وتهريب الرئيس الأمريكي الجديد في ذلك الوقت جورج بوش إلى مكان آمن لحمايته من أي خطر على حياته ،، سقطت الأبراج نحو الأرض وصعدت بعدها الإتهامات نحو السطح .. أتهم الجيش الأحمر الياباني تلته جيوش أخرى وعصابات ولكن المستقر كان على تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن..

مرت الأيام وبدأت ليالي الخليج تخلع عن نفسها رداء الصيف القطني لترتدي معطف الصوف الشتوي ربما لتحمي نفسها من تداعيات غزو جديد ضد أرض الأفغان الصعبة جدا على الغزاة ،، دخل شهر أكتوبر لنرفع أعيننا باتجاه الخارطة السياسية لبلدان العالم ونجبره للتوجه نحو وسط آسيا نحو بلاد الوديان والجبال الشاهقة والتي ستكون هدفا محتما لضربة أمريكية ضد ما تسميه هي بالإرهاب ويختلف الآخرون في إطلاق أي لفظ عليه ،، قصفت أفغانستان وتحالفت تنظيمات مسلحة أفغانية مع الولايات المتحدة لإسقاط نظام طالبان وحليفه القاعدة من سدة الحكم هناك ،، لتترامى تلك البلاد بين أيدي الأمريكان و مختلف الشخصيات الأفغانية علمائهم ومجاهديهم السابقين شيوعييهم والإسلاميين وكل من كان له قدرة على صدام الأكتاف وتسييل اللعاب على وجبة العشاء الأفغانية الدسمة.

لم تكن العراق أقل دسما من شقيقتها أفغانستان التي تفصل بينهما إيران العدو اللدود للأمريكان وصاحب المشاريع الغير متوقعه التنفيذ ،، فالعراق بأحواضه النفطية وموارده الأخرى البشرية والعلمية والزراعية وحتى المائية يكاد يكون مطمعا لكل من رأى في نفسه القدرة على التوسع واحتلال البلدان ،، هذه البلاد التي عشقناها منذ أن كنا أطفالا وعشقنا قائدها صدام حسين عندما كنا نلعب كرة القدم في الملاعب الرملية التقليدية ونتداول ونحن الذين لم نتجاوز 10 سنوات أساطير الترسانة العسكرية العراقية الصدامية المصنعة تحت الأرض والمخبئة تحت الأرض والقادرة على الانطلاق من تحت الأرض كما كانت ترسمه لنا مخيلتنا البريئة في ذلك الزمان الجميل ،، تدفق القوات الأمريكية بأساطيلها وبارجاتها وحاملات الطائرات بإتجاه الخليج العربي قطع كل مجال للشك في ضرب الولايات المتحدة للعراق ،، فتصميم أبناء العم سام كما يسمون أنفسهم على تدمير البلاد والعباد كان أقوى من أي شيء آخر ،، فما كان منا إلا الإنتظار لعل جيوش يأجوج ومأجوج الأمريكية هذه المرة ستُقبر على أسوار بغداد بعد أن ٌُقبر سلفها الهالك التتاري في عين جالوت ..

في العشرين من مارس من العام 2003 م كانت الضربة التي ألغت من أجلها أمريكا كل صوت معارض وقسمت قبلها العالم إلى قسمين وفسطاطين فسطاط معها وفسطاط ضدها..ضربة أولى دكت بغداد الجميلة التي بانت على وجهها تجاعيد الإرهاق لا الكبر،، تجاعيد سببتها حروب وحصار وبكاء على فقدان ملايين الأطفال والأبرياء.. فالحرب مجمع الآلام وفيها يحبس البعض الدمع حتى يسيل عند فقد الأبطال ويرفع الجميع سلاحهم ولو كان طفلا لم يعرف بعد التفريق بين لعبته الخشبية وبين سلاح قاطع لأوصال الحياة..

3
أسابيع دامية استخدمت خلالها ما رأت القوى المتحالفة استخدامه ضد بني البشر في بلاد الرافدين فإبادة الشعوب لم تكن وليدة تلك الحرب عندهم فكتب التاريخ والأرشيف قد ملئت بسير الهنود الحمر وعبيد أفريقيا وقوافل الحيوانات البشرية كما كانوا يسمونهم في مهرجانات لندن وفيلادلفيا وغيرها من مدن الغرب ..

سقط نظام صدام حسين ،، كل ما شاهدته في ذلك اليوم مجموعة من الناس تركض في شوارع بغداد بعضهم يشتم صدام والبعض يبكي عليه بكاءا ممزوج بالخوف حتى لا يعرفه من تذوق العلقم ربما من يدي صدام .. في العصر - سبحان الله دائما ما كان وقت العصر بتوقيتنا مليئا بالأحداث العالمية – كانت الجرافات الأمريكية تقتلع تمثال صدام من وسط بغداد ليسدل الستار عن حكم ذاك الرجل لبلاد الحضارات الدائمة ..
مع انهيار الجيش العراقي فرقة فرقة وبعد استسلام الفيلق الخامس العراقي في الموصل كانت المقاومة في تلك اللحظات الأليمة على كل عربي ومسلم تبدأ في خط أولى صفحاتها في كتاب الكفاح والنضال المسلح ضد العدو المحتل..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق