20‏/04‏/2009

عـنـدمـا خـطّ الـقــلــم (1) .. ذكريات كذلك .


(1)
عواصم عربية .. مصدرة للمعرفة وأخرى مستوردة لها .



القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ.. مقولة احتج عليها البغداديون !! كنت قد قرأتها في يوم من الأيام في مقالة أو كتاب لا أدري بالتحديد فالأيام بمرورها السريع تنسيك ما أقمت به صلبك من فطور الصباح فما بالك بكتاب أو مقال قرأته قبل شهور أو سنين ،، لا يهم فمقالي هنا يتعلق بأمر آخر ..
دولنا العربية تقسم إلى أقاليم مختلفة .. الخليج العربي واليمن والشام ومصر والعراق والمغرب العربي ودول أخرى تتبعثر في جنبات القارة السوداء أو السمراء كما يحلو للبعض تسميتها ،، لكل دولة من هذه الدول تاريخ وحضارة أثرت تأثيرا عميقا في الجانب الثقافي والمعرفي وإنتاجهما وفي الكثافة المعرفية بين السكان أنفسهم .. بغداد وبيروت ودمشق والقاهرة والخرطوم كلها قلب يضخ الدماء المعرفية إلى الأطراف الأخرى من الوطن العربي كعواصم الخليج والمغرب العربي .. فشعراء مصر كحافظ ابراهيم واحمد شوقي وكتابها كنجيب محفوظ وطه حسين وأحمد أمين وعلمائها كمحمد الغزالي وسيد قطب ومحمد عبده وغيرهم كلهم صدروا للوطن العربي معرفة وإنتاجا غزيرا ما زال يتداول وبشكل كبير بين جنبات المكتبات في معارض الكتب في العواصم العربية ونفسه ينطبق على شعراء العراق وكتابها كالسياب والجواهري وبيروت بإيليا أبو ماضي وجبران ودمشق بنزار قباني وغيرهم في الخرطوم وعمّان ومختلف العواصم الفائضة بالإنتاج الغزير من مداد الأقلام والفكر ..
عواصم الخليج والمغرب العربي ربما لكونها عواصم في دول ذات حضارات جبلية وصحرواية وبالتالي تختلف عن الحضارات النهرية والتي تعتبر مجمع الشعوب ومقصدها من مختلف الأجناس كانت حتى وقت ليس بالبعيد مستوردة للمعرفة والفكر من العواصم المصدرة لها .. لا يمكن أن ننكر أن هناك كتّاب متميزون في هذه الدول كالطائي مثلا في عمان و العتيبة في الإمارات والقصيمي في السعودية وكذلك مالك بن نبي في المغرب العربي .. هذه الأسماء كانت تقف بمجموعها الضئيل أمام أسماء العواصم المصدرة وبالتالي لم تتمكن من إقامة توازن معرفي معها ليحدث ما عنونت به هذا المقال .. عواصم مصدرة وأخرى مستوردة ..
ترجيح الكفة المعرفية في الإنتاج لصالح دول الحضارات النهرية بدأ يتراجع قليلا لتحدث دول الحضارات الصحرواية والجبلية توازنا ولو بسيطا بعد التواصل المعرفي العميق والقوي بين شعوب هذه الحضارات العربية في فترة النماء الإقتصادي النفطي الخليجي والترابط المعلوماتي الإنترنتي العالمي الذي نشهده اليوم..
في أيامنا هذه نجد أنتاجا بدأ يتصاعد إلى الأعلى تدريجيا في دول الخليج العربية والتي أنتجت كتابا ذات صيت متميز بدأ ينتشر في أرجاء الدول العربية كالقصيبي والحمد في السعودية والسويدان ( بمؤلفاته بمختلف موضوعاتها) والعسكري بمجلته العربي في الكويت وشعراء البحرين وعمان والإمارات .. والتي تزداد انتشارا بالتواصل الشبكي العالمي المعرفي .
إذا يمكننا القول أن هناك تبادل معرفي بين العواصم العربية المصدر فيها العواصم النهرية والمستورد العواصم الصحراوية والجبلية ولكن مع عصر الإنترنت بدأت الكفة تتراجع لصالح العواصم الصحراوية الجبلية مع تفوق النهرية إلى الآن ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق