20‏/04‏/2009


(3)
النازية .. الهولوكوست .. الحضارة الغربية .

المحاولة الألمانية النازية لإبادة يهود أوروبا في بداية ثلاثينيات القرن الماضي وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية كانت لها آثر ما زالت متراكمة وبشكل يحير العقول ويثير الكثير من التساؤلات عنها .. كنا دائما ما نتابع في نشرات الأخبار تفاصيل المحاكم التي تقام ضد عدد من الكتاب الذين شككوا في عدد القتلى اليهود في تلك الأحداث .. ونقرأ في كثير من المقالات الأجنبية الكره الشديد لهتلر وحزبه ووصم أعداء أوروبا أو الغرب بشكل عام بالنازية دلالة على الدموية والعنجهية التي يقترفها أعدائهم من وجهة نظرهم ..
لماذا كل هذا الكره الشديد ضد النازية ؟؟ ولماذا هذا التبني والدفاع المستميت عن المحرقة اليهودية ؟؟ أليست النازية جزأ لا يتجزأ من الحضارة الغربية ؟؟
الحضارة الغربية الحديثة انفصلت عن الدين انفصالا شاملا ووضعت حاجزا ضخما بينها وبين الدين وكل ما يدعو إليه من قيم أخلاقية وإنسانية ،، هذه الحضارة وبعد الثورة الصناعية وتقدم الاكتشافات العلمية في مختلف أرجاء الغرب أصبحت حضارة مادية متطرفة لا تعرف سوى المادة مهما كان الثمن ،، المادية الداروينية العلمانية المتطرفة الشاملة والتي تعتبر الجنس الأبيض الجنس المتقدم جعلت من الإنسان أداة لتقدمها فقسمت بني البشر في مجتمعاتها إلى قسمين ،، قسم نافع وقسم ضار .. القسم النافع هو المهيمن والمسيطر وبالتالي الرائد في المجال الحضاري ،، والقسم الآخر هو القسم الذي يتحول إلى فائض يعتبر عالة على المجتمع الغربي وبالتالي يجب التخلص منه بشتى الطرق ولو بالموت أو التسفير .. إذا بهذه الطريقة يمكن القول أن لا قيمة للإنسان خاصة إن كان ضعيفا معدما في تلك الأرجاء وفي تلك الحضارة .. وهناك أمثلة كثيرة على ذلك ترجح كفة القول بأن النزعة الإبادية لدى الغرب قد تأصلت بعد الانفصال الكامل بين الدين والدنيا في الغرب .. فنقل سكان أفريقيا إلى الأمريكيتين ونقل جيوش أوروبا إلى أرجاء العالم للهيمنة عليه وتحويلها إلى مادة بشرية وطبيعية ونقل الفائض البشري في أوروبا إلى جيوب استيطانية كما حدث في الجزائر وكندا وأمريكا وأستراليا وحتى جنوب أفريقيا ونقل الأقليات إلى عدد من البلدان كاليهود إلى الأرجنتين والهنود إلى عدة أماكن والصينيين إلى ماليزيا وبالتالي انفصالها عنها لتكوين سنغافورة المستقلة وابادة الهنود الحمر في أمريكا عن طريق البيض وإبادة الشعوب المسلمة في وسط آسيا عن طريق القياصرة والدكتاتور الأحمر ستالين ونقلهم وبالملايين إلى صحراء الموت السيبيرية والقضاء على الشعوب الأصلية في أستراليا والبرازيل كل هذه الأمثلة تدلل وبشكل واضح على أن النزعة الإبادية وتحويل الإنسان إلى أداة للوصول إلى الهدف أصبحت منغرسة في النفس الغربية ..
الكلام في الأعلى أردت أن أصل به إلى أن ما فعله الألمان النازيون باليهود في أوروبا ليس شاذا عن الحضارة الغربية بل يعتبر مكملا لأفعال الحضارة الغربية المادية في كثير من شعوب العالم ولكن الطريقة التي اتبعها الألمان في إبادة اليهود والموقف الذي وقفه النازيون ضد الكتلتين الشيوعية والرأسمالية والفترة التي حدثت فيها الإبادة ضد اليهود والجنس الذي أبيد (لهيمنتهم على الكثير من مراكز القوى في الدول المتقدمة) كل ذلك جعل الموقف الرسمي الغربي يقف مع اليهود ويوجه رماحه في النحر النازي وبالتالي يجعل من قضية المحرقة قضية مقدسة لا يمكن لأي كاتب المساس أو التشكيك بها ..
حتى أن مصطلح الهولوكوست قد أختير اختيارا دقيقا فهو مصطلح ديني يهودي يعني التضحية بالقربان للرب كاملا وبالتالي فأن الهولوكوست يعد من أكثر الطقوس قداسة .. وأن الشعب اليهودي هو القربان المقدس أي الشعب الأكثر قداسة .
خلاصة القول أن الإبادة الألمانية ليهود أوروبا لم يكن فعلا شاذا عن الحضارة الغربية فكل ما حدث هو استمرارية للنزعة الإبادية التي بدأت بالجنون الاستعماري الغربي للعالم وإبادة الشعوب الأصلية ونقل الفائض الغير نافع من القوميات المنبوذة في أوروبا إلى دول أخرى كفلسطين وأستراليا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة وغيرها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق