15‏/04‏/2009

ذكريات الكتابة السياسية !! (5)




لكل بداية نهاية ولكل ظالم زوال ولكل طغيان قبر ولكل باطل حق سيزهقه ويرديه إلى حفر النسيان

لست هنا لأحكي الحكايات أو أسرد القصص أو أكتب الروايات عن تلك البلاد أو تلك الحضارة أو تلك الإمبراطورية ولكنني أتيت لكي أحدثكم عن فكرة انبثقت من عقل آدمي وترجمت إلى فعل وعمل أنتج بعدها دولةً واتحادا عظيما تبناه الملايين من أبناء هذه المعمورة ونافسوا بفكرهم أعداء لهم كانت لهم أفكار مضادة بنت هي الأخرى دولا وإمبراطوريات ، كلتا الفكرتين وكلا المشروعين تصادما فيما بينهما وكانا متضادين في معظم الأشياء ولكنهما اتفقا في مسلك واحد وهو قمع الشعوب وإغاثة المجرم وقتل المستضعف ..
سأسيّر يراعي ليخط أناشيد العمال الكادحون وآمال شعوب عشقت الحرية فلجأت بقصد أو بغيره إلى المملكة الحمراء التي نادت بأعلى صوتها يا عمال الأرض اتحدوا ،، ومن ثم لجأت إلى بلاد الانكل سام لتجد ما لم تكن تتوقعه .
ثورة حمراء أو بلشفية أو لينينية لا أدري..
تعددت الأسماء والمصير واحد ، ظهرت كفكرة دونها ماركس وإنجلز فألفوا في سبيلها الكتب وصاغوا النظريات ودونوا السطور الواحد تلو الآخر، أقاموا جسور التواصل بينهم وبين كل ما يساند فكرهم ،، حتى داروين الذي أرجع أصل الإنسان إلى قرد رفعوه فوق أكتافهم وجعلوا من نظريته أساسا لفكرهم القائم على الإلحاد..
مرت الأيام والسنين وظهر لينين حامي البروليتاريا والمنادي بالشيوعية الحمراء فأصبح المبلغ والناشر لرسالة الإلحاد والتمزق والانحلال ،، فكان ما كان ،، أعتقل ثم نفي ثم عاد ،، ولكن عاد محملا بالخبر الحزين للقياصرة والبشرى لدعاة الشيوعية فقد قلبت الطاولة على الملوك وتوج الحمر بالنصر المؤزر ودوت صيحة الرايات الحمراء ،، يا عمال العالم اتحدوا،، فكرة فكتاب فعمل فنشر فهمة فثورة ،، طريق وعر مليء بالأشواك ومليء بالصعاب ،، كل ذلك من أجل فكرة أراد صاحبها أن تنتشر فانتشرت وأراد صاحبها أن تكون عملا فكانت ،، ليت شعري كيف هم أصحاب الأفكار البالية يسطرون ويجتهدون من أجل تطبيق أفكارهم ويضحون من أجلها بكل ما لديهم ،، بينما نحن أبناء الرسالة الخالدة والشريعة السمحاء نبيت كل ليالينا في لعب ولهو والعالم ينتظر الخلاص من الظلم إلى العدل بهذه الرسالة الطاهرة.
نداءات وبيانات وشعارات تصدر من معقل الشيوعية موسكو لكل فرد على هذه المعمورة في خضم الحرب الباردة وفي فترة التصادم والغزو للعقول المتقبلة لكل فكر غث كان أو سمين ،، رسالة وجهت لكل من يحاول الوقوف في وجهة الزحف الأحمر : كن معنا أو ضدنا إن كنت معي فأهلا بك في الجنة السوفييتية وإن كنت ضدي فلتنعم بجحيم الإمبريالية العالمية ..
كلمات ظهرت ولكنها اختفت مع اختفاء قائلها والمنافح عنها، بعدها بسنوات وسنوات جاء من يقول كل من هو ضدي فهو مع الإرهاب العالمي..
متشابهة في معانيها ومسلكها ومنهاجها كأنها انطلقت من نفس العقلية والمنبع، وربما ستكون إلى نفس المصير.
الإتحاد السوفييتي أعظم دول العالم مساحة في فترة من الفترات ، حكم معسكره بأعتى أنواع الحديد والنار وقتل من قتل ،، فأربعة ملايين إنسان ماتوا قهرا في صحراء سيبيريا الباردة وفي فترة حكم طاغية من طواغيتها المسمى بستالين يسطر في صفحت التاريخ أنها قد قامت على جماجم الأبرياء والفقراء ،، كل من دخل إلى معتقلاتهم المشئومة لم يخرج منها إلاّ بمعجزة خارقة لما هو مصدق ،، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود شعارات عايشها العرب في سجونهم الأشد هولا وجرما ،، حضارات وإمبراطوريات خلخلت فطرة الإنسان وجعلت من المجرم سيداً ومن الشريف عبداً ومن المؤمن ملحداً ومن الكافر ملكاً يحكم بشهواته وطغيانه .
هذا ما كان من تلك البلاد الحمراء وكان مصيرها إلى زوال ..
كان عدوها اللدود حامي الإمبريالية العالمية كما تسميها هي، بلاد العم سام بلاد المحيطين والساحلين وأرض الأحلام في عُرف الهاربين من جحيم المعسكر الشرقي، هذه البلاد كانت في يوم من الأيام مستعمره للإمبراطورية المشرقة بشمسها الدافئة ،، كانت تحت وصاية التاج البريطاني ،، فثارت وأبت إلا ان تستقل وتبني مجدها بنفسها لتكون بيضاء خالصة شعارها الأول الحرية للجنس الأبيض وليمت كل من وقف أمامنا ولو كانت النتيجة إبادة ملايين من الهنود الحمر كما أسماهم كروستفر كولومبس حين ضل الطريق ليجد شعوب رقصة المطر ينتظرونه ويستقبلونه بكل حفاوة وترحاب ،، قامت بلاد العم سام واشتقت اسمها من Uncle Sam فتصبح اختصارا كما نعرفها اليوم U.S.A أو الولايات المتحدة الأمريكية ،، انتخبت بعدها أول حاكم لها جورج واشنطن الرئيس الأمريكي الأول على عرش نواة الإمبراطورية الحالية ،، هناك على ضفاف المحيطين الهادي والأطلسي بدأ المشوار وبدأ تنفيذ الخطة ،، السيطرة على الأقاليم والاستحواذ على الكنز كاملا ،، إنها خطة القرصان الأكبر الذي يستولي على سفن اللصوص فيفوز بكنز مليء بمئات الكنوز ويربح جهد اللصوص الصغار ،، هذه هي الإستراتيجية الأمريكية وهذه خطتها التي اتبعتها حتى في حربها ضد النازية في الحرب العالمية الثانية ،، لقد انتظرت حتى تضعف القوى الخمس ألمانيا وإيطاليا واليابان وفرنسا وبريطانيا لتتدخل هي في الأخير وتكسب الحرب وتنطلق بعدها الى العالمية مع عدوتها روسيا السوفيتية ،، أمريكا تلك البلد التي جعلت من العالم مزرعة للدجاج تبيض ذهبا لمد اقتصادها بترليونات الدولارات وتجتاح كل ثروات العالم لتسيطر على كل ذهب الأصفر منه والأسود ،، أمريكا بلد يعيش على المصالح ويسيل لعابه على كل درهم من المال كبر أو صغر ،، سيطرت على العالم ودخلت في صراعات طاحنة دائما ما كانت تخرج منها رابحة لم تتكبد الهزائم ولم تشم رائحة الحزن والضياع ،، سيقول قائل ألم تقرأ عن حرب فيتنام،، أقول له بلى قد قرأت وتدبرت في كينونتها فوجدت أنها معركة هزمت فيها أمريكا في حرب النصر وردت الدين على الراعي الرسمي للثوار الفيتناميين في حرب أفغانستان يوم سحقت الجيوش السوفيتية وخرجت مطأطئة الرأس باكية،، أمريكا تلك البلاد التي لن ينتهي مسلسل جرائمها في حق البشرية ولن يغفل التاريخ عن كتابة ما فعلته بالشعوب ولن يوقف القلم مداده حتى يسطر قتلى الهنود الحمر وضحايا فيتنام والقنابل النووية وأطفال الحصار على العراق وأخيرا وليس آخراً أطفال فلسطين وأفغانستان والعراق والصومال وغيرهم ممن طحنتهم آلة الحرب السياسية والعسكرية الأمريكية .
مسلسل التاريخ ودورة الزمن تكرر نفسها فانهيار الإتحاد السوفييتي جاء بعد جرائمه وتعديه على فطره الإنسان وحريته وأمريكا تسلك نفوس الطريق وتعيث في الأرض الفساد ،، وهذه طريق موحشة تؤدي بسالكها إلى قبر لا مبعث بعده ولا مخرج .
فلتندرس كل دولة قامت على جماجم المستضعفين .
هذه هي حكاية الحضارات وهذه قصص الإمبراطوريات ،، لقد حكيتها لكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق