15‏/04‏/2009

ذكـريـات الكـتابة السياسية !! (4)



بضع حروب في أرضنا (4)!!




أوروبا وأمريكا ودول كثيرة تمثل الجبهة الغربية دائما ما كنت أنظر اليها نظرة شك وارتياب والتي ازدادت حدتها بعد اعتدائتها الأخيرة في العراق وأفغانستان ومساندتها الدائمة للصهاينة ضد اخواننا في فلسطين أرض الكنعانيين كما أحب تسميتها دائما .. نظرتَيّ تجاه الغرب كانتا نظرتي حقد وشفقة ،، كنت أحقد على من دمر وقتل ونسف وأباد وأحرق ،، وكنت كذلك أشفق على من كُذب عليه وضلل ووجه فكريا دون أن يدري لمعاداتنا والخوف منا فالشعوب الغربية التي ما عرفت عن أرضنا سوى ما تبثه لها دوائر الإعلام والتضليل المرئية والمسموعة والمقروءة وهي التي عرفت بتقبل الآخر واحترام كلمتك والإنصات لها إن سمح لك بالكشف عن نفسك أمامهم شعوب ستسير يوما ما إن أراد الله على درب الخير والهداية والصلاح إن كفت أيدي الرؤوس هناك عن التلاعب بالحقيقة وتشويهها وإن اجتهدنا نحن بني العرب والإسلام في توصيل الرسالة البيضاء لا الحمراء إليهم ..
الخوف من الإسلام أو كما يسمى بالمصطلح العلمي الإسلاموفوبيا ظاهرة اجتاحت الغرب بكيانيه المعروفين اوروبا وأمريكا تتمركز على نقطة الخوف من ذلك الدين القادم من خلف البحر المتوسط والذي عبر كل التضاريس ودخل نفوس الملايين من الأوروبيين والأمريكان وغيرهم من بني البشر ،، الآلف من بني الأحمر كما سموا سابقا والذين أصبحوا اليوم أخوة في العقيدة لا يفرقهم عنا لون أو لغة أو موطن قد دخلوا في دين الله الأوحد وخلعوا عن أنفسهم ثياب الجاهلية الغبراء التي حصرت الإنسان في نطاق ضيق لا يمكّنه من تجاوز رغبات نفسه التي ركّبت فيه والتي يشترك فيها مع الحيوان ليضيق تفكيره في حدود ما خطته له نفسه..
الإسلام كما جاء من عند الله الواحد الأحد يأسر القلوب ويسير بحاضنها الجسد نحو قمة يصعب على غيره من بني جلدته بلوغها ،، هذا هو الإسلام،، دين له قدرة ذاتية على الانتشار ،، فبعد أن تخلى عنه أتباعه بل أساء بعضهم له بأفعاله المنافية لما أمر الله ولما نهى عنه توقعنا نحن المسلمون أن الإقبال على اعتناقه سيتراجع كما هي عادة القوانين البشرية والسنن المعلومة لدينا ،، فبعد أحداث سبتمبر ومدريد ولندن وبعد الهالة الإعلامية الغربية المشوهة للإسلام وأتباعه وأحكامه وبعد حملات المفكرين الغربيين وعملائهم في أرضنا على الدين العظيم كانت النتيجة مخيبة لآمال الحاقدين ولخطط المثبطين ،،فالإحصائيات تشير إلى جحافل من البشر بمختلف ألوانهم وألسنتهم يدخلون سنويا في دين الإسلام ليكوّنوا هناك في تلك البلاد البعيدة عنا جغرافيا والقريبة منا بقلوب المسلمين الجدد مجتمعات تقوم على الفضيلة والخير والحب والعدالة ..
مئات بل آلاف بل قل ملايين من الكتب التي تتحدث عن الإسلام وعن نبيه صلى الله عليه وسلم وعن تاريخه المشرق نفدت من مكتبات أوروبا وأمريكا وغيرها من دول العالم ،، الجميع في شوق لمعرفة الإسلام وماهية أحكامه ولماذا يصوّر بهذه الطريقة السينمائية من العنف وتدمير العمران ونسف كل ما ينفع الإنسان وباقي المخلوقات ..
الخوف من الإسلام لم يكن وليد ما بعد أحداث سبتمبر ولم تشوه صورته بهذه الطريقة في القرن الحادي والعشرين فقط ،، فالمواجهة بين الإسلام وعشاق الظلام بدأت منذ أن تقدمت طلائع المجاهدين في صدر الإسلام لمقارعة قوى الروم في معركة مؤتة المشهورة والتي كانت بداية لأول التحام بين رأسي الدينين الإسلامي والمسيحي ،، الصراع ومحو الآخر إن صحت التسمية ليست من أهداف الدين الإسلامي كمحو دموي يحاول الفتك بالمقابل واقتلاع جذوره بالمعنى القوي للكلمة ،، فالإسلام كان دائما الداعي الأول للغة الخطاب والتحاور البعيدة عن التعصب وجذب المخالف نحوه بالحكمة والموعظة الحسنة ليكسب قلبه ووجدانه و اقتناعه بالدين الجديد ..
النظرة السلبية إلى الإسلام في أوروبا قام بفبركتها ونشرها بين الشعوب هناك رجال الكنيسة والأباطرة الذين يخشون التفاف حبال الشعوب المقهورة حولهم وبالتالي تضيع كل طموحاتهم الدنيوية الدنيئة في كبت الشعوب وتسفيه مطالبها وإبقائها على المحيط الأسود الذي تعيش فيه ،، كان للأحداث التي تمر بين الطرفين وخاصة المعارك الشهيرة التي تصادمت فيها الكتلتين وهي تصادمات فاصلة بذلت فيها أرواح كثيرة من الطرفين كمعارك فتح الأندلس واليرموك وبلاط الشهداء وفتح القسطنطينية والتي استغلت من قبل رجال الكنيسة لتشويه الإسلام دور كبير في انتشار ما يعرف بمسمى الخوف من الإسلام ،، فهذه المعارك والتي هدف المسلمون من خلالها إلى تحرير شعوب الغرب من كبت الكنيسة وأباطرة أوروبا استغلها خفافيش الانغلاق هناك لتشويه صورة الدين الحنيف وتحريض الأقوام الغربية للبقاء على موقفها الخائف دائما مما سيرتكبه هذا الدين إن استطاع أن يقفز إلى أوروبا ويحكمها ويمحو آثار ما تبعته من أديان أخرى ..
تصاعد ما يسمى بالإسلاموفوبيا وخاصة في هذه الفترة بالتحديد كان سببه العديد من العوامل التي أثارته وجلعته أزمة نفسية تصيب الكثيرين من الغربيين ،، فأزمة الحجاب في فرنسا والرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم وانحسار المد اليساري عن سدة الحكم في الغرب وأحداث سبتمبر ومدريد ولندن والتراكمات التاريخية وتصريحات البابا بنديكت السادس عشر وغيرها كثير ما زالت تظهر على السطح كعوامل جانبية كلها أثارت الظاهرة بشكل كبير وخاصة في هذه الفترة بالتحديد التي يقف فيها المسلمون عاجزون عن التصدي للكم الكبير من الغزو المتدفق من كل الجهات الذي يستهدف كل كياننا كأمة وجسد مترابط .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق